تشهد دبي طفرة غير مسبوقة في سوق العقارات الفاخرة، حيث يتنافس المطورون على تقديم ابتكارات مذهلة تلبي تطلعات الأثرياء الباحثين عن تجربة سكنية لا مثيل لها. فمع تزايد الطلب على القصور والبنتهاوس فائقة الفخامة، أصبحت الميزات الفريدة مثل دور السينما الخاصة، والمنتجعات الصحية، والمصاعد الحصرية، مجرد أساسيات، بينما يطلب بعض المشترين إضافات غير تقليدية تحوّل منازلهم إلى تحف هندسية استثنائية، وذلك بحسب تقرير لوكالة "بلومبيرغ" نشرته صحيفة الخليج.
تُعرض هذه العقارات الفاخرة بأسعار تتراوح بين 60 مليون دولار وأكثر من 120 مليون دولار، حيث ينجذب المستثمرون من أوروبا وآسيا والأمريكتين إلى السوق العقاري المتألق في الإمارة. وفي سعيهم لتلبية رغبات العملاء، لا يتردد المطورون في تنفيذ أفكار غير مألوفة؛ فقد قام أحدهم بنقل جدار زجاجي عملاق لمسافات طويلة لضمان إطلالة بحرية مخصصة لمالك العقار، بينما صمّم آخر ردهة خاصة ومصعداً حصرياً لمشتري بنتهاوس يمتد بين برجين. أما أحد المطورين، فقد أضاف نظام أرضية متحركة في حوض السباحة، بحيث يتحول إلى سطح مستوٍ لاستضافة الحفلات.
رغم تباطؤ الأسعار.. سوق العقارات الفاخرة مستمرة بالنمو
ورغم تباطؤ أسعار العقارات في دبي بعد النمو الكبير الذي شهدته منذ عام 2021، لا يزال قطاع العقارات الفاخرة مزدهراً، حيث تُقام هذه المشاريع في أبرز المواقع الساحلية بالإمارة. ويؤكد مارك فينيكس، الرئيس التنفيذي لشركة «سنكاري بروبيرتيز»، التي تطوّر برجاً فائق الفخامة بقيمة مليار دولار، أن «القطاع الفاخر هو الأكثر ربحية، وإذا تم تنفيذه بالشكل الصحيح، يمكن للمطورين تحقيق أسعار قياسية».
وعلى عكس أسواق العقارات الفاخرة في المدن الكبرى الأخرى، التي تشهد تباطؤاً أو تراجعاً، تستمر دبي في استقطاب الأثرياء من جميع أنحاء العالم، بفضل ميزاتها التنافسية الفريدة.
لماذا يفضل الأثرياء الاستثمار في دبي؟
إحدى أهم الأسباب التي تجعل دبي وجهة مفضلة للمستثمرين الأثرياء هي القيمة العالية التي يحصلون عليها مقابل أموالهم، حيث تبلغ أسعار العقارات الفاخرة في الإمارة ثلث نظيرتها في نيويورك وخُمس الأسعار في لندن، وفقاً لمهدي أمجد، مؤسس شركة «أمنيات» المطورة للشقق الفاخرة.
ويضيف أمجد: «نقارن مبانينا مع المباني في نيويورك، ونجد أنه بنفس الأسعار أو حتى بأقل منها، يحصل المشترون على مساحات أوسع، وتجارب سكنية أكثر تفرداً».
وفي إطار سعيها لمنافسة أرقى مدن العالم، تتميز مشاريع دبي بتصاميم هندسية مذهلة. فقد شاهد مراسلو «بلومبيرغ» خلال جولة في أحد مواقع البناء قبة زجاجية عملاقة تُبنى فوق مسبح ومنتجع صحي، بحيث يمكن فتحها وإغلاقها حسب رغبة المالكين، كما تم تصميم برك سباحة متعرجة في مشاريع أخرى، تتيح للسكان السباحة من البار إلى المنتجع الصحي في الجهة المقابلة من الحديقة.
جزيرة المليارديرات.. عنوان الفخامة المطلقة
أصبحت جزيرة جميرا باي المعروفة بـ جزيرة المليارديرات، الجزيرة الصناعية المصممة على شكل حصان البحر، واحدة من أكثر الوجهات الفاخرة جذباً في دبي، حيث تحتوي غالبية القصور هناك على شواطئ خاصة، إلى جانب طاولات دوارة لمواقف السيارات، بحيث يتم توجيه المركبات تلقائياً في الاتجاه الصحيح.
لكن إضافة مثل هذه الميزات الاستثنائية يأتي بتكاليف ضخمة، إذ يوضح فينيكس أن التصاميم الفاخرة تتطلب استثمارات كبيرة في المراحل الأولية، ما يجعل بعض المطورين يترددون في تنفيذها.
في هذا السياق، يروي وسام دمعة، مؤسس شركة «بالاس غروب» للتطوير العقاري، قصة عميل طلب تركيب جدار زجاجي ضخم بحجم 17 × 4 أمتار في غرفة معيشته، بحيث يمكن إخفاؤه تماماً بضغطة زر للاستمتاع بإطلالة بحرية مفتوحة.
ويكشف دمعة عن التحديات التي واجهها لتنفيذ هذا الطلب، حيث استغرقت شركة ألمانية متخصصة 45 يوماً فقط لاتخاذ قرار بشأن إمكانية تصنيع اللوح الزجاجي، وبعد الموافقة، تدخلت شركة سويسرية لتطوير نظام ميكانيكي لتحريكه، وهو ما تطلب بناء غرفة تحت الأرض لإخفاء الجدار عند إنزاله. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل استلزم نقل الجدار إلى دبي الحصول على تصاريح خاصة، نظراً لحجمه الهائل.
ويؤكد دمعة أن معظم عملائه يمتلكون منازل في مدن متعددة حول العالم، وهم شديدو الدقة بشأن متطلباتهم وتوقعاتهم. وحالياً، يشرف على بناء 15 قصراً جديداً، بالإضافة إلى مشروع سكني يضم 70 شقة، بإجمالي استثمارات تصل إلى 16 مليار درهم (4.4 مليار دولار).
في ظل هذه التطورات، يبدو أن سقف الرفاهية في سوق العقارات الفاخرة بدبي يرتفع باستمرار، ليمنح الأثرياء تجارب سكنية تتجاوز حدود الخيال.