أكد تقرير شركة جيه إل إل JLL ، المتخصصة في الخدمات المهنية والمتخصصة في إدارة العقارات والاستثمارات، أن الأداء القوي لقطاع المساحات المكتبية في دولة الإمارات يرجع إلى استمرار الطلب القوي المقرون بمحدودية المعروض من المساحات المكتبية. وفي حين أن هذا الوضع يعزز من موقف الملاك في كل من إمارتي دبي وأبوظبي، إلا إنه من المتوقع أن يؤدي إنجاز المشاريع الجديدة إلى تخفيف الضغط التصاعدي على القطاع.
وبحسب تقرير سوق العقارات في الإمارات خلال الربع الثالث من عام 2022، فقد وشهد الربع الثالث الانتهاء من برج أبتاون تاور في أبراج بحيرات الجميرا، وهو أول مشروع مساحات مكتبية كبير يتم إنجازه في إمارة دبي خلال العام الجاري، وأضاف المشروع نحو 46 ألف متر مربع من إجمالي المساحة التأجيرية، ليصل إجمالي مخزون السوق في الإمارة إلى 9.2 مليون متر مربع. ومن المتوقع تسليم 72 ألف متر مربع إضافية من المساحات المكتبية في دبي خلال الربع الأخير من العام.
وفي أبوظبي، لعبت الجهات الحكومية وشبه الحكومية دوراً محورياً في زيادة الطلب على المساحات المكتبية، إذ لا تزال تلك الجهات هي المستأجر الرئيسي في العاصمة. ويبلغ إجمالي مخزون السوق من المساحات المكتبية في إمارة أبوظبي نحو 3.9 مليون متر مربع، ومن المتوقع دخول 41 ألف متر مربع إضافية خلال الفترة المتبقية من العام الجاري.
وعلى صعيد الإيجارات، ارتفع متوسط أسعار تأجير المساحات من الفئة "أ" داخل منطقة الأعمال المركزية في دبي بنحو 11% مقارنة بالعام الماضي، ليصل إلى 2300 درهم للمتر المربع في السنة. بينما حافظت نسبة الشواغر في منطقة الأعمال المركزية على استقرارها عند 10%. ومن الملاحظ تزايد ميل الملاك إلى فرض شروط إيجار صارمة ومحدودية فرصة التفاوض، وهو ما يستلزم من المستأجرين سرعة اتخاذ القرار تجنباً لضياع الفرص وذهابها إلى المستأجرين المنافسين. وفي العاصمة أبوظبي، انخفض متوسط الشواغر إلى 22%، الأمر الذي أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار الإيجارات. كما شهدت أبوظبي ارتفاعاً بنسبة 13% مقارنة بالعام الماضي في متوسط إيجارات المساحات من الفئة "أ" على مستوى المدينة، ليصل إلى 2000 درهم للمتر المربع في السنة.
وفي معرض تعليقه على التقرير، صرح فراز أحمد، الاستشاري في قسم البحوث لدى شركة "جيه إل إل"، قائلاً: "في ظل تزايد عدد الشركات العالمية التي تؤسس مكاتبها وفروعها في دولة الإمارات العربية المتحدة، تزيد محدودية توافر المساحات المكتبية عالية الجودة من الضغوط التصاعدية على أسعار الإيجارات على المدى القصير. ومن هذا المنطلق، يمكن للمستأجرين المحتملين أن يتوقعوا منافسة قوية للفوز بالمساحات المتميزة مع احتمال محدودية استعداد الملاك للتفاوض في ظل ظروف السوق الحالية. وعلى الرغم مما سبق، سوف يؤدي إنجاز عدد من المشاريع الكبرى في دبي وأبوظبي إلى دخول 113 ألف متر مربع من المساحات المكتبية إلى السوق خلال الفترة المتبقية من العام، مما سيساعد في تخفيف الضغط على العقارات التجارية. وقد واصلت القطاعات الأخرى، بما في ذلك الوحدات السكنية ومنافذ التجزئة والضيافة والفنادق، تحقيق نمو قوي في الأداء، مما يعزز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة في قطاع العقارات".
يواصل سوق الوحدات السكنية في دولة الإمارات العربية المتحدة تحقيق نمو ملحوظ في خضم الطلب القوي. مع تجاوز أسعار بيع الفلل في إمارة دبي تجاوزت خلال الربع الثالث من 2023 ذروة الأسعار المسجلة في عام 2014.
مساحات التجزئة
خلال الربع الثالث من العام، سجل سوق منافذ التجزئة نمواً ثابتاً، مدعوماً بتنامي النشاط السياحي والطلب المحلي. ويحرص مشغلو مراكز التسوق على تقديم مفاهيم حديثة في مجالات المأكولات والمشروبات والترفيه بهدف إنعاش مشاريع التجزئة القائمة. وقد شهدت العاصمة أبوظبي تسليم نحو 36 ألف متر مربع من منافذ التجزئة خلال الربع الثالث من العام، ليرتفع إجمالي المخزون في السوق إلى 3.2 مليون متر مربع. ومن المنتظر دخول 17000 متر مربع إضافية إلى سوق أبوظبي في الأشهر المتبقية من العام.
وواصل سوق منافذ التجزئة في دبي تطوره بخطى حثيثة مع قيام مديري مراكز التسوق بإعادة تصميم المناطق التي ينخفض الإقبال عليها من أجل تحويلها إلى مراكز خدمة نابضة توفر سبل راحة على غرار مساحات العمل المشتركة والعيادات والصالات الرياضية. وقد أسهم تزايد حجم الطلب في زيادة قدرها 5% سنوياً في متوسط إيجارات مراكز التسوق الرئيسية والثانوية في دبي. وشهدت الربع الثالث من العام دخول 18 ألف متر مربع جديدة إلى السوق، وأغلب تلك المساحة عبارة عن مراكز تسوق محلية، وبهذا ارتفع بإجمالي المخزون إلى 4.7 مليون متر مربع. ومن المقرر إنجاز نحو 65 ألف متر مربع إضافية في الربع الرابع من العام.
وبالإضافة إلى تبني مفاهيم منافذ التجزئة الحديثة، أدركت شركات التجزئة أن منافذ التجزئة الصغيرة، مثل مراكز التسوق في الأحياء والمجتمعات السكنية، توفر فرصةً يسهل اغتنامها للاستفادة من الطلب المحلي من خلال مفاهيم يغلب عليها الطابع المحلي. وعلى النقيض من ذلك، تستهدف الشركات الدولية الوافدة إلى السوق مساحات التجزئة المتميزة في مراكز التسوق الإقليمية الكبرى ومراكز التسوق الإقليمية ذات الموقع الاستراتيجي. ولذلك، أصبح الملاك أكثر انتقائيةً في اختيار المستأجرين وأقل مرونةً في التفاوض على شروط الإيجار، وأقل استعداداً لتقديم حوافز للمستأجرين.
القطاع الفندقي
شهد الربع الثالث من العام دخول 400 غرفة فندقية إلى قطاع الضيافة في إمارة دبي، ليرتفع إجمالي مخزون الغرف في الإمارة إلى 152 ألف غرفة، ومن المتوقع تسليم 6000 غرفة إضافية في الفترة المتبقية من العام. وارتفعت معدلات الإشغال في دبي إلى 76% منذ بداية العام حتى شهر أغسطس، حيث استقبلت الإمارة ما يقرب من 9.83 مليون زائر حتى شهر يوليو، مما أدى إلى زيادة بواقع 1% في متوسط إيرادات الغرف المتاحة الذي وصل إلى 129 دولاراً.
وفي أبوظبي، استقر إجمالي المخزون عند نحو 32500 غرفة فندقية في ظل عدم افتتاح أي فنادق جديدة خلال هذا الربع من العام. وتركز أبوظبي على أن تكون وجهة سياحية ملائمةً للأسر على مدار العام، وهو ما زاد من عدد نزلاء الفندق منذ بداية العام حتى شهر يوليو بنسبة مذهلة بلغت 32%، معظمهم من الجاليات الهندية والبريطانية والمصرية. وأثمر تدفق السياح إلى انتعاش مؤشرات الأداء في العاصمة، إذ ارتفع متوسط إيرادات الغرف المتاحة بنسبة 27% ليصل إلى 91 دولاراً، بينما وصل معدل الإشغال على مستوى المدينة إلى 70%.
ومع اقتراب فصل الشتاء، ستكون استراتيجيات إدارة الإيرادات الفعالة ركيزة جوهرية لمشغلي الفنادق في دبي وأبوظبي للاستفادة من الطلب المتنامي وتحقيق مستهدفات الإيرادات المنشودة. ومن خلال تطبيق الاستراتيجيات السليمة، يمكن للمشغلين رفع مستويات الأداء وترسيخ مكانتهم في السوق.