أكد جيمس ألان، الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات العقارية العالمية جيه إل إل JLL في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، أن سوق العقارات في دبي تتسم بنظرة إيجابية، مشيراً إلى أن الإمارة تسارع الخطى نحو تعزيز مكانتها مركزاً عالمياً يضطلع فيه القطاع العقاري بدوري حيوي، مدفوعةً بخطة دبي الحضرية 2040 التي تشمل تعزيز حصة أنشطة الضيافة والسياحة والتعليم ومنشآت الرعاية الصحية من الأراضي.
ولفت في تصريحات لصحيفة البيان إلى أن دبي وجهة مفضلة للمستثمرين العقاريين والمطورين، مشيراً إلى أن الإمارة تسعى لاحتضان 7.8 ملايين نسمة بحلول سنة 2040، بزيادة تفوق ضعف عدد سكانها الحالي البالغ 3.3 ملايين نسمة، ولا شك في أن تحقيق هذه الأهداف الطموحة سيتطلب إبرام شراكات بين أبرز أصحاب المصلحة في السوق العقارية من القطاعين العام والخاص على حدٍ سواء.
وأوضح ألان أن دبي تستقطب بسمعتها مدينة عالمية طيفاً واسعاً من المستثمرين والمقيمين فموقعها الاستراتيجي، وبنيتها التحتية ذات المستوى العالمي، وسياساتها الحاضنة للأعمال، وتنوعها الثقافي، تجعلها وجهة جذابة للاستقرار والاستثمار، وتقدم سوق دبي العقارية فرصاً استثمارية مختلفة، ومنها العقارات التجارية، والوحدات السكنية، وأصول الضيافة، ولا تقتصر هذه الفرص على الارتقاء برأس المال فحسب، وإنما أيضاً تشمل عوائد التأجير الجذابة التي تستقطب المستثمرين المحليين والعالميين على حدٍ سواء.
وفي ما يخص المشروعات المستقبلية، تحقق دبي قفزات نوعية نحو التنمية المستدامة عبر مبادرات ترتكز على ممارسات التشييد المستدامة، وكفاءة استخدام الطاقة، والحفاظ على البيئة. وينسجم هذا مع التوجهات العالمية، ويسهم في ترسيخ دبي مدينة تنتهج عقلية تقدمية وتلتزم بناء مستقبل أكثر استدامة.
وتابع قائلاً: «لطالما استمدت سوق الوحدات السكنية زخمها من المستثمرين وفئة المنازل الفاخرة. وعقب تدابير الإغلاق التي فرضتها الجائحة، تنامى إقبال المستثمرين على العقارات القائمة التي كان يُنظر إليها أنها استثمار آمن، وكانت السوق مدفوعة بالطلب على الوحدات السكنية الأكبر حجماً ولا سيما الفلل ومنازل تاون هاوس في المجتمعات التي تحظى بصيانة جيدة. ومع تحسن أوضاع السوق، استعاد المطورون العقاريون الثقة لإطلاق مشاريع عقارية في دبي مع تحول تفضيلات المستثمرين نحو هذه الفئة ابتداءً من منتصف سنة 2022».
وأشار إلى أن مبيعات الوحدات السكنية في الخريطة في دبي اليوم تحافظ على زخمها مدعومةً بتنامي ثقة المستثمرين والإقبال القوي على المشروعات التي تم تدشينها في الآونة الأخيرة. وبحسب بيانات منصة دبي بالس الرقمية، زادت مبيعات الوحدات السكنية في الخريطة في دبي بـ38 % من ناحية القيمة وبـ30 % من ناحية العدد في الربع الثاني مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وتم تسجيل 57 % منها ضمن فئة الوحدات التي يتراوح سعرها بين 500,000 درهم ومليوني درهم، مع تركيز المستثمرين في الأساس على وحدات الاستوديو والوحدات المكونة من غرفة نوم واحدة في مناطق مثل قرية جميرا الدائرية ودبي لاند ومدينة محمد بن راشد.
وأوضح أن مكانة سوق دبي العقارية تعزى إلى استقرارها الاقتصادي، وجاذبيتها العالمية، وفرصها الاستثمارية المتنوعة، والتزامها التنمية المستدامة؛ إذ تسهم هذه العوامل في تكوين نظرة مستقبلية إيجابية عن السوق كما تؤكد تمتع الإمارة بمكانة متميزة تتيح لها مواصلة استقطاب المستثمرين ودفع عجلة النمو في قادم السنوات.
يعزى نمو القطاع العقاري في دبي بشكل رئيس إلى الجاذبية التي تتمتع بها الإمارة بحسب ألان الذي أضاف: تواصل دبي سعيها لتنويع اقتصادها عبر الاستثمار في قطاعات السياحة والتصنيع والقطاعات غير النفطية الأخرى. ولم تقتصر مساعي التنويع هذه على دفع العجلة الاقتصادية، وإنما تعدتها إلى التأثير إيجاباً في السكان وفرص التوظيف، ثم تعزيز الطلب على العقارات الفاخرة.
وتستقطب دبي كونها وجهة عالمية طيفاً واسعاً من السكان والمقيمين الباحثين عن فرص العمل والحياة الراقية والبيئة الحاضنة للأعمال، ويتطلب هذا النمو السكاني زيادة في المساحات السكنية والتجارية، ما يخلق الحاجة إلى مشروعات التطوير العقاري، وخاصة أن مكانة الإمارة مركزاً تجارياً عالمياً وبيئتها الاستثمارية المواتية تستقطب الكثير من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ويسهم المستثمرون الأجانب الذين تجذبهم المزايا الضريبية والمناطق الحرة وسهولة مزاولة الأعمال، في نمو القطاع العقاري عبر الاستثمار في مختلف الفئات العقارية، مثل الوحدات السكنية والتجارية وعقارات الضيافة، فيما يؤدي النمو الذي شهده قطاع الضيافة إلى تنامي شعبية الإمارة وجهة سياحية، فانعكس الطلب على الفنادق والمنتجعات والشقق المخدمة ومنازل العطلة عبر زيادة الاستثمار ومشروعات التطوير في هذه الفئات، ما أسهم بدوره في حفز الطلب على الأصول العقارية لقطاع الضيافة.
وعن تقييم واقع العرض والطلب في سوق العقارات بدبي قال ألان: تشهد سوق العقارات في دبي حركة عرض وطلب قوية في مختلف القطاعات، حيث تشهد سوق المساحات المكتبية طلباً قوياً من قبل طيف متنوع من المستأجرين في مختلف الفئات، بالتزامن مع بحث المستأجرين عن مساحات مكتبية عالية الجودة تولي الاستدامة ورفاهية الموظفين أهمية قصوى، إلا أن محدودية توافر هذه المساحات وتنامي معدلات الإيجارات يحذوان بالمستأجرين إلى إعادة النظر في استراتيجياتهم عند البحث عن مساحات مكتبية جديدة. ومن المتوقع أن يحافظ الطلب على المساحات المكتبية من الفئة «أ» على زخمه في الفترة المقبلة، مع نية المستأجرين ترقية مساحاتهم وتعزيز رفاهية الموظفين.
ولفت إلى أنه في سوق الوحدات السكنية، من المقرر تسليم 13 ألف وحدة سكنية إضافية في دبي بحلول نهاية العام، تلبيةً للطلب المتزايد على الوحدات الفاخرة عالية الجودة ضمن المجتمعات متعددة الاستخدامات، ويواصل قطاع الوحدات السكنية تحقيق نشاط قوي في مبيعات الوحدات السكنية الجاهزة والوحدات السكنية في الخريطة، فيما شهد قطاع المكاتب زيادة في الطلب على المكاتب المرنة في الجائحة مع نمو العمل من بُعد والعمل من المنزل.
ووفقاً لاستطلاع مستقبل العمل، يتفق 77% من قادة العقارات التجارية على أن توفير خياري العمل من بُعد أو العمل المختلط سيكون أمراً بالغ الأهمية لاستقطاب المواهب والاحتفاظ بها، بينما يمثل الاستثمار في المساحات المكتبية عالية الجودة أولوية أكبر من توسيع الوجود الإجمالي.
وعلى صعيد سوق الوحدات السكنية، أوضح ألان أن فترة الجائحة شهدت تحولاً كبيراً في الطلب على الفلل ومنازل تاون هاوس مع تفضيل المستثمرين والباحثين عن منازل الوحدات السكنية الأكبر حجماً في المجمعات السكنية الراقية متعددة الاستخدامات، أما في قطاع منافذ التجزئة، فقد استدرك مالكو المراكز التجارية التغير الحاصل في عادات إنفاق المستهلكين وتفضيلاتهم، فدفع الطلب على التجارب المبتكرة الجديدة مديري هذه المراكز إلى البحث عن مفاهيم جديدة وفريدة من نوعها. وعلى صعيد قطاع الضيافة، استغلت دبي مكانتها واحدة من أولى الوجهات التي تعاود فتح أبوابها بعد الجائحة لتتمكن من اغتنام الطلب المحلي والعالمي، ولا سيما على الفنادق والمنتجعات الفاخرة.
وعن أبرز التغيرات التي تشهدها المشروعات العقارية الجديدة في دبي قال ألان: نجح المطورون العقاريون في تحديث عروض منتجاتهم في السنوات الخمس أو الست الماضية، ويعزى ذلك في جانب كبير منه إلى التغير في نظرة المستثمرين والطلب فضلاً عن تنامي التركيز على الجودة في المشروعات الجديدة، إذ يركز المطورون على الجمع بين المواد ذات الجودة العالية وعناصر التصميم الحديث وتقنيات التشييد المتقدمة بغية ضمان الديمومة والنواحي الجمالية.
وعلاوةً على ذلك، شهد مفهوم المساحات تحولاً ملحوظاً بالتزامن مع التركيز على التصميمات المرنة ذات الكفاءة، وتشمل عروض المطورين باقة متنوعة المساحات والتصميمات من الوحدات السكنية لتلبية مختلف التفضيلات وأساليب الحياة.
وثمة توجه متزايد نحو التصميمات المفتوحة، وحلول التخزين الذكية، والمساحات متعددة الاستخدامات التي تعزز الراحة وقابلية الاستخدام، وشهدنا تقديم المطورين أنواعاً جديدة من المنتجات مثل منازل تاون هاوس الطابقية ومنازل تاون هاوس المصغرة، والتي تتألف عادةً من غرفتي نوم مقارنةً بنظيراتها التقليدية التي تضم ما بين 3 و5 غرف نوم، كما يعكف المطورون على تقديم مجتمعات عالية الجودة تتمحور في نموذج «العمل والترفيه والمعيشة»، وتتيح هذه المشروعات وصول السكان إلى باقة متنوعة من المرافق، ومنها منشآت الاستجمام والترفيه والتعليم والرعاية الصحية.
ولفت إلى أن الاستدامة حازت أهمية كبيرة مع تنامي مساعي المطورين للجمع بين المزايا ذات الكفاءة، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة، ومبادئ التصميم المستدام بغية الحد من التأثيرات البيئية؛ إذ تركز المشروعات على المساحات الخضراء، وأنظمة إدارة النفايات، والحفاظ على المياه، ومواد البناء الصديقة للبيئة بما ينسجم مع أهداف الاستدامة العالمية.