شهد قطاع السكن في المملكة العربية السعودية تراجعاً كبيراً في حجم المعاملات خلال النصف الأول من عام 2023، حيث انخفض بنسبة 32٪ مقارنة بالعام السابق، وذلك بحسب التقرير الصادر عن شركة الاستشارات العقارية العالمية نايت فرانك حول دراسة سوق العقارات السكنية في المملكة العربية السعودية - صيف عام 2023.
وأظهر التقرير تسجيل حوالي 70 ألف معاملة بين شهري يناير ويونيو، ما يمثل تراجعاً واضحاً عن الـ 103 ألف معاملة المُسجلة خلال نفس الفترة في العام الماضي.
وتشير الأرقام إلى أن القيمة الإجمالية للمعاملات تراجعت بنسبة 28٪ خلال الفترة نفسها، مما يشير إلى استمرار ارتفاع أسعار الوحدات السكنية في جميع أنحاء المملكة.
كما يعكس الاتجاه المنخفض في عدد الرهون المصدرة تحديات السوق، حيث انخفض بنسبة 34.9٪ مقارنةً بالعام السابق، مصحوباً بانخفاض قدره 36.9٪ في إجمالي قيمة الرهون المصدرة.
قال فيصل دوراني، الشريك ورئيس قسم الأبحاث في الشرق الأوسط: "كما توقعنا، أدى النمو الهائل في أسعار المنازل، الذي يترافق مع أزمة العرض وارتفاع الأسعار الأساسية، نتيجة الإقبال المتزايد على العقارات كوسيلة للاستثمار، إلى تعذر امتلاك منازل بأسعار مناسبة للأسر السعودية ذات الدخل المتوسط "
"ومع بلوغ متوسط الدخل الشهري في المملكة إلى 11,000 ريال سعودي، وحوالي 17,500 ريال سعودي في الرياض، فلم يعد مستغرباً أن مضاعفات دخل الأسر في الرياض تجاوزت 4.3 و12.7 للشقق والفيلات. وفيما يتعلق بجدة، فإن الأسر تحتاج لتوفير دخلها لمدة 14 سنة ونصف لشراء فيلا. "
تكشف دراسة نايت فرانك عن مدى انخفاض نمو أسعار المنازل، حيث تشهد مدينة جدة، على سبيل المثال، تراجعاً أكثر في الأسعار مقارنةً بمدينة الرياض. وقد ارتفع متوسط أسعار الفلل في مدينة البحر الأحمر بشكل طفيف بنسبة 1٪، بينما ارتفع متوسط أسعار الشقق بنسبة 2٪ سنوياً.
في المقابل، شهدت الرياض زيادة في قيمة الشقق بنسبة 10٪ في الربع الثاني من عام 2023 مقارنةً بالربع الثاني من عام 2022، في حين ارتفعت أسعار الفلل بنسبة 5٪ خلال نفس الفترة الزمنية الممتدة على مدار 12 شهراً.
في منطقة الدمام الحضرية، أظهر السوق العقاري أداءً ضعيفاً. فقد شهدت المعاملات السكنية انخفاضاً سنوياً بنسبة 44٪، وتراجعت بنسبة 52٪ في إجمالي قيمة المعاملات المسجلة في الربع الثاني من عام 2023 لتلبية الطلب المتزايد وتحقيق هدف رؤية 2030 المتمثل في تملك 70% من المنازل، تواصل وزارة الإسكان العمل على توفير خيارات ميسرة. حيث تم تنفيذ العديد من المشاريع في عام 2023، ما أضاف آلاف الوحدات السكنية في مدن متنوعة، مثل مجمع النايفة السكني وجوهرة السحاب في الرياض.
تعقيباً على رؤية 2030، يقول هارمن دي يونج، الشريك ورئيس قسم استراتيجيات واستشارات العقارات في المملكة العربية السعودية: "عندما نتأمل رحلة التحول إلى رؤية 2030، يتضح جلياً بأن أحد أهدافها الحاسمة هو تحسين جودة الحياة للجميع داخل المملكة. وفي هذا السعي، لا يمكن التغاضي عن أهمية المجتمعات السكنية.
تدرك الأجيال الناشئة أهمية القرب من وسائل الراحة العامة مثل المتاجر والمساجد والصالات الرياضية وغيرها. وبناءً على اعتبارات القدرة الشرائية، فقد زادت أهمية الشقق السكنية كخيار مرغوب. وتحولت الأنماط نحو مفهوم البيئات المختلطة، حيث تتضمن التوقعات مزيجاً نابضاً بالحياة يجمع بين العيش والعمل والفرص الترفيهية. لذا عندما يفكر الأفراد في الانتقال إلى شقة سكنية، يتوقعون مجموعة من المزايا المرافقة، بما في ذلك الحد من وقت التنقل، وسهولة الوصول للعائلة والمرافق، وتعزيز الأمان، وغيرها الكثير.
وفيما يعمل المطورون بجد لمعالجة هذه الفجوة المتمثلة في السوق، يجب علينا عدم تجاهل حقيقة أن جزءاً كبيراً من مخزون الإسكان في الرياض بات قديماً وسيحتاج بالتأكيد إلى استبداله. لذا، يبقى تحديث البنية التحتية السكنية مهمة أساسية لتلبية تطلعات واحتياجات المجتمع المتغيرة"
تتوقع نايت فرانك استقرار الأسعار في ظل استمرار الطلب في الارتفاع، وأوضح دوراني قائلاً: "بحسب تقرير السعودية لعام 2023 (الرابط)، تُظهر النتائج أن 62٪ من الأسر تتطلع إلى إنفاق ما يصل إلى 1.5 مليون ريال سعودي على شراء منزل، وهذا ما يعادل تقريباً نصف قيمة الفلل الحالية. ومع ذلك، تعاني التكلفة العالية للعقارات من تأثير سلبي على الطلب، حيث تُبدي حوالي 40٪ من الأسر في هذا العام اهتمامها بالمعاملات العقارية - وهذا يُعتبر انخفاضاً كبيراً مقارنة بنسبة 84٪ في عام 2022"
" ومن المرجح ألا تشهد الأسعار انخفاضاً حاداً نظراً للزيادة السريعة في عدد الأسر مع تراجع شعبية السكن المتعدد الأجيال وارتفاع أعداد المغتربين، وبالتالي يُتوقع أن تتراجع أسعار العقارات إلى حد ما، أو تستقر.