يتميز سكان المدينة المستدامة في دبي ببصمة كربونية أقل بنسبة 75 % مقارنة مع سكان المناطق والأحياء الأخرى.
والبصمة الكربونية هي عبارة عن مؤشر بيئي يقيس معدلات انبعاث الغازات المضرة بالبيئة والتي تسمى بالغازات الدفيئة (ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز وغيرها)، وتنتج هذه الغازات نتيجة أنشطة الافراد أو المنشآت، وتهدف البصمة الكربونية لرصد أثر الانشطة البشرية على البيئة والتحديد التغير المناخي.
وتم تصميم وبناء المدينة المستدامة في دبي وهي مجمع سكني ضخم يمتد على مساحة 5 ملايين قدم مربع بهدف تطوير مجتمع سكني صديق للبيئة، ويقدم هذا التقرير الذي نشرته وكالة أنباء الإمارات "وام" أهم الميزات البيئية للمدينة المستدامة وكيف تخفض البصمة البيئية لسكانها.
وتجدر الإشارة إلى أن الشركة المطورة لمشروع المدينة المستدامة في دبي وهي دايموند ديفلوبرز Diamond Developers قد اطلقت مشاريع بذات النموذج الصديق للبيئة وتشمل مدينة الشارقة المستدامة و المدينة المستدامة – جزيرة ياس في أبوظبي .
مساكن صديقة للبيئة
توفر المدينة المستدامة في دبي مجموعة متكاملة من الخدمات والمرافق السكنية الخضراء من دون إحداث أي تأثير سلبي على البيئة، نظراً لاعتمادها مفهوماً فريداً يجسد ملامح العيش المستدام، حيث تستخدم جميع المساكن في المدينة الطاقة النظيفة والتي يتم إنتاجها من الألواح الشمسية التي تم تركيبها على واجهات وأسطح الفلل والمباني ومواقف السيارات والتي نجحت بشكل كامل في توليد الطاقة حسب احتياجات القاطنين فيها.
وتتميز المدينة المستدامة بمجموعة من مزايا التصميم الفعال والتي تتضمن استخدام مواد البناء الصديقة للبيئة والعازلة للحرارة والطلاء العاكس للأشعة فوق البنفسجية ومكيفات الهواء الموفرة للطاقة والإضاءة التي تعمل بنظام الليد ونظام السخانات الشمسية لإنتاج المياه الساخنة، وبذلك تقلل المدينة المستدامة من معدل البصمة الكربونية للفرد بنسبة 75%، مقارنة بالمساكن التقليدية.
وتتضمن استراتيجية المياه في المدينة المستدامة أجهزة ومعدات لتوفير المياه ومعالجتها وإعادة استخدامها في ري المساحات الخضراء، كما تعتمد المدينة طريقة فرز النفايات بنسبة 100% من المصدر، وتتوفر صناديق فرز النفايات في داخل المنازل وعند كل مجموعة سكنية لتشجيع السكان على الفرز من المصدر، كما تعمل المركبات الكهربائية على جمع النفايات ونقلها لإعادة تدويرها وتداولها، حيث يتم تحويل النفايات الخضراء إلى سماد وتستخدم في تنسيق الحدائق العامة، بينما يتم جمع أنواع النفايات الأخرى ومعالجتها بشكل منفصل.
وتشجع استراتيجية النقل في المدينة المستدامة السكان على الحد من استخدام السيارات والاعتماد بشكل أكبر على المشي وركوب الدراجات، وتعتبر المجموعات السكنية مناطق خالية من السيارات، ولذلك يسهل الوصول إليها سيراً على الأقدام فقط أو عن طريق العربات الكهربائية عبر السكك التي تربط بين أجزاء المدينة، كما يتم في المدينة اختبار عربات النقل الكهربائية بدون سائق وروبوتات ذاتية القيادة لنقل الطلبات.
اكتفاء ذاتي من الخضروات
تضم المزرعة الحضرية وسط المدينة المستدامة 11 قبة حيوية منظمة الحرارة، ما أسهم في تحقيق المدينة اكتفائها الذاتي من الأعشاب والخضروات الورقية، كما يتم زراعة مجموعة أخرى مختارة من الخضروات والفواكه في المنطقة الزراعية، وتخصيص مساحات خاصة للسكان لتشجيعهم على زراعة الأعشاب والخضروات الخاصة بهم، إضافة إلى ذلك تم زراعة النخيل على طول الطريق الدائري، حيث تنتج المزرعة المركزية من 40-50 طناً من التمور سنوياً.
ويحيط بالمدينة حزام أخضر يبلغ عرضه 30 متراً، مشكلاً ملاذاً بيئياً مهماً للطيور والزواحف، كما أنه يساعد في تقليل تلوث الهواء والضوضاء وتوفير الظل على الدراجات ومضامير الخيول.
تقنيات استشعار
وكجزء من التزامها بتعزيز التنوع البيئي، حرصت المدينة المستدامة على تفادي أو الحدّ من استخدام المواد الكيميائية السامة في مكافحة الآفات والأعشاب الضارة، وللتمكن من مكافحة الحشرات على فروع أشجار النخيل، تستخدم المدينة تقنيات استشعار متطورة قادرة على الكشف عن عدوى سوسة النخل الحمراء ومكافحتها، ويسهم تقليل الاعتماد على المواد الكيميائية في حماية تجمعات النحل والفراشات وغيرها من حشرات التلقيح.
وبهدف رصد التنوع البيولوجي في المدينة المستدامة، تم إطلاق برنامج تقييم التنوع البيولوجي على نطاق المجمع السكني، من خلال نشر معدات رصد مخصصة لقياس أثر البيئة الحضرية على التنوع البيولوجي وصحة المنظومة البيئية.
كما كشفت المدينة المستدامة عن نتائج دراسة استقصائية متخصصة أجرتها مع جمعية الإمارات للطبيعة بالتعاون مع الصندوق العالمي للطبيعة، لرصد التنوع البيولوجي وقياس أثره وصحته على نطاق المجمّع السكني، يشمل ذلك النباتات والحياة البرية والفطرية.
وأظهرت نتائج الدراسة وجود 102 من الفصائل النباتية المختلفة و27 فصيلة من الطيور و23 فصيلة من الحشرات و3 فصائل من الثدييات، إلى جانب أعداد صغيرة من الأسماك والزواحف والفطريات.